يوم الأحد الماضي فوجئ أهالي قري الجزيرة ونجع تمام والحمادية التابعة لمركز سوهاج بعدد كبير من قوات الأمن ينتشر علي الطريق السريع أسيوط - سوهاج يبحثون عن شيء مجهول علي جانبي الطريق وفي الزراعات المجاورة. وبعد فترة وجيزة حضر عدد من الرجال في حراسة قوات الأمن يرتدون زيا مشابها لزي رواد الفضاء ويقومون بالكشف علي التربة والمزروعات.
كل ذلك علي مرأي ومسمع من المواطنين، الذين يقطنون هذه القري بالإضافة إلي السيارات المارة علي الطريق السريع خاصة بعد أن قامت قوات الأمن بعمل كردون علي الطريق السريع بالحواجز الحديدية لتصبح منطقة محظورة.
انتشرت الشائعات في كل مكان البعض ردد أن هناك تلوثا إشعاعيا في هذه المنطقة وذلك لانقلاب سيارة محملة بالمواد المشعة والبعض قال إن إحدي الجهات المجهولة قامت بدفن نفايات نووية مشعة في هذه المنطقة ويجري البحث عنها.
ولم تقف الشائعات عند هذا الحد بل ردد البعض أن جسما غريبا وقع من الفضاء في هذه المنطقة.
وما أكد هذه الشائعات قيام قوات الأمن بالقبض علي عدد من الأشخاص وإرسالهم إلي معهد الأورام بسوهاج للكشف عليهم. وكذلك قيام قوات الأمن بإغلاق جزء من الطريق السريع في هذه المنطقة ومنع مرور السيارات في هذا الجانب وعمل منطقة محظورة بعرض عشرة أمتار في جميع الاتجاهات. كل ذلك أطلق العنان للشائعات، وكانت المفاجأة التي كشفتها تحقيقات نيابة سوهاج - التي يباشرها محمد فهمي رئيس النيابة الكلية بإشراف المستشار نصر فراج المحامي لنيابات شمال سوهاج. قيام محمود رشاد موظف مؤقت بمعهد الأورام بسوهاج بإحضار علبة يود مشع داخل شنطة لعلاج مرضي الغدة الدرقية بالمعهد من هيئة الطاقة الذرية بالقاهرة، وعند دخوله بها محطة القاهرة لركوب القطار لسوهاج أحدثت صوتا في بوابة التفتيش بالمحطة فتم منعه من ركوب القطار فتوجه لموقف السيارات وقام بوضعها علي سطح سيارة ميكروباص وعند عبورها مطبا صناعيا أمام قرية الحمادية اصطدمت بها سيارة أخري من الخلف ما تسبب في سقوط الشنطة وانكسار علبة اليود واستقرارها في الزراعات المجاورة.
وفي الوقت ذاته فرضت الأجهزة الأمنية طوقا أمنيا بمنطقة سقوط علبة اليود وتم عمل مسح شامل لكل المنطقة داخل الزراعات لإيجاد علبة اليود المشع فلم تجدها قوات الأمن، وبعد عمل بعض التحريات تم العثور عليها لدي إسماعيل محمد إسماعيل '45 سنة' فني بعملية مياه الحمادية والذي اعترف بأنه توجه ظهر يوم الأحد الماضي لجمع البرسيم من حقله البالغة مساحته 4 قراريط وبصحبته صديقه السيد علي عبد القادر '45 سنة' وعارف محمد عارف '37 سنة' لمساعدته في أعمال جمع البرسيم وعثر داخل الزراعات علي جسم غريب من الرصاص يشبه فلتر السيارة ويصل وزنه إلي نحو 5 كيلو جرامات وبه سدادة منزوعة فمسحه بيده حيث كان فارغا.
فاعتقد أنه شيء ثمين فأخفاه بمقعد سيارته الربع نقل التي يحمل عليها البرسيم للمنزل ووضع البرسيم علي السيارة وذهب لإطعام المواشي. ووضع كميات صغيرة من البرسيم أمام البهائم، وفي تمام الساعة الثانية عشرة ظهر يوم الاثنين فوجئ بعربات شرطة كثيرة داخل القرية وقوات أمن وضباط من مختلف الرتب تبحث عنه وهجموا علي منزله وأخبروه أنهم يبحثون عن جسم به مادة مشعة سقط من إحدي السيارات داخل زراعاته ولما سمع ذلك أصيب بالرعب وأسرع وأحضر لهم العلبة.
واصطحبه علي الفور الأطباء المرافقون للشرطة إلي معهد الأورام بسوهاج، وقاموا بإجراء أشعة وفحوصات طبية كاملة عليه وعلي زوجته وصديقيه اللذين رافقاه في جمع البرسيم.
وقرر الأطباء سلامة زوجته وصديقيه، باستثناء إسماعيل حيث قرروا وجود آثار للمادة المشعة علي كف يده اليمني وطمأنوه بأنها لا تمثل خطرا عليه وأنها ستزول خلال 3 أسابيع وطلبوا منه عدم تناول بعض الأطعمة لفترة معينة مثل اللبن والبيض والجبن، كما طلبوا منه التحفظ علي كميات البرسيم التي جمعها داخل الحجرة لوجود آثار للمادة المشعة عليها والانتظار حتي تجف أعواد البرسيم ثم يقوم بعد ذلك بحرقها، كذلك عدم تناوله هو وزوجته اللبن من هذه البهائم التي أكلت من البرسيم.
'الأسبوع' التقت إسماعيل الذي أكد أن الأطباء لم يوضحوا أو المخاطر التي تسببها هذه المادة، لذلك أثارت هذه التعليمات والتحذيرات الخوف والريبة، فأسرع عقب السماح بخروجه من مركز الأورام بالتوجه إلي مركز شرطة سوهاج وحرر محضرا بالواقعة برقم 41 أحوال بتاريخ 28 يناير الجاري وتم سماع أقواله وأطباء مركز الأورام.
وفي هذه الأثناء حضر إلي المحافظة وفد من هيئة الطاقة الذرية وقام بعمل معاينة ومسح لمكان الحادث والتحقيق في ملابساته تمهيدا لإعداد تقرير كامل بشأنه وتقديمه إلي النيابة العامة لاستكمال التحقيقات.
من جانبه قلل الدكتور أحمد الحويط مدير مركز الأورام بسوهاج من أهمية الحادث وقال إننا نقوم بإحضار مادة اليود المشع التي نستخدمها في أعمال المسح الذري للمرضي بنفس الطريقة منذ 7 سنوات.. لافتا إلي أن المندوب المكلف من المركز بإحضار هذه المادة كان يحضرها دائما في القطار لكن هذه المرة أحضرها في سيارة ميكروباص وشاء القدر بوقوع الحادث. أما د. هشام فؤاد الرئيس الأسبق لهيئة الطاقة الذرية فأكد أن هناك خطأ في إجراءات نقل المادة التي من المفترض أن يتم نقلها وفقا لنصوص الاتفاقات والإجراءات التي حددتها الهيئة الدولية للطاقة الذرية من ضرورة إبلاغ إدارات المرور والأمن وكافة الأجهزة المختصة وتوفير إجراءات أمنية كافية لنقلها ويتم النقل عن طريق هيئة الطاقة النووية.
كما أكد نفس الكلام د. محمد الزرقا خبير النفايات النووية الذي أشار إلي أنه إذا كان اليود المشع في حد ذاته ليس ضارا نتيجة استخدامه في العلاج الطبي إلا أن هذا لا يعني التساهل وعدم الدقة في إجراءات نقله من مكان لآخر.
موضوع: خطر تلوث اشعاعى يثير الرعب بين اهالى سوهاج 
السبت فبراير 09, 2008 2:59 am
